قبل أن يحلّ العقاب ، ويتحقق الإنذار ، والإشارة إلى عواقب المكذبين من الأمم الخالية التي حقّ عليها النذير.
كل ذلك يرد في تناسق مطلق ، بين السياق والقصة ، أو السياق والمشهد ، أو السياق والتوجيهات ، فتبدو القصص والمشاهد والتوجيهات كلها أجزاء من هذا السياق العام ملوّنة بلونه ، مظلّلة بجوّه ، محقّقة للغرض الذي يتجه إليه موضوع السورة الرئيس من البدء حتى الختام.
٢ ـ مقاصد السورة ومزاياها
مهّدت سورة الأعراف لمقاصدها ببيان عظمة الكتاب ، وجلال هدايته ، وقوة حجته في توضيح الدعوة ، وإنذار المخالفين بها.
ثم تناولت أهداف الدعوة في مكة ، وهي تقرير رسالة الإسلام وبيان أصول هذه الدعوة : توحيد الله في العبادة والتشريع ، وتقرير البعث والجزاء ، وتقرير الوحي والرسالة بوجه عام ، وتقرير رسالة محمد (ص) بوجه خاص. وتلك هي أصول الدعوة الدينية التي كانت لأجلها جميع الرسالات الإلهية.
وقد سلكت السورة ، في طريقة عرض هذه الحقائق ، أسلوبين بارزين ، أحدهما أسلوب التذكير بالنعم ، والاخر أسلوب التخويف من العذاب والنّقم.
أمّا أسلوب التذكير بالنعم ، فتراه واضحا في لفتها أنظار الناس إلى ما يلمسونه ويحسّونه من نعمة تمكينهم في الأرض ، ونعمة خلقهم وتصويرهم في أحسن تقويم ، ونعمة تمتّع الإنسان بما في هذا الكون من خيرات ، سخّرها الله له.
أمّا أسلوب الإنذار والتخويف ، فهو ظاهر في جو السورة ، وفي قصص الأنبياء فيها. وقد استغرق هذا القصص أكثر من نصفها ، وقد ساقت لنا السورة ما دار بين الأنبياء وأقوامهم ، وسجّلت السورة جزاء المكذبين بأمر الله الخارجين على دعوة رسله وهدايتهم ، وهي ظاهرة تكررت الإشارة إليها في سور القرآن المكية ، تحذيرا لأهل مكة أن يصيبهم ما أصاب الأمم من قبلهم.
٣ ـ عرض إجمالي لأجزاء السورة
سورة الأعراف أول سورة طويلة نزلت من القرآن الكريم ، وهي أطول