(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٢٠٦).
٤ ـ قصة آدم
ذكرت قصة آدم في سورة البقرة ، ثم أكملت سورة الأعراف حلقات هذه القصة. وذكرت أنّ الله تعالى خلق آدم (ع) وأمر الملائكة بالسجود له إظهارا لفضله ، وتنويها بما يكون له من شأن ، بعد أن سألوا عن الحكمة في خلقه ، وقد ركّبت فيه الشهوة والغضب ، وبهما يفسد في الأرض ويسفك الدماء.
وذكرت السورة موقف إبليس وإباءه السجود والامتثال لأمر الله ، كما ذكرت قصة تأثّر آدم بوسوسة الشيطان ، وإغرائه إيّاه بالأكل من الشجرة ، وكيف كانت عاقبة آدم في الهبوط من الراحة والاطمئنان إلى الكدّ والتعب ، وإلى مكافحة عوامل الشر التي بنيت الحياة عليها ، وعلى ما يقابلها من عوامل الخير ؛ ومطالبة الإنسان بأن يقف مع جانب العقل والرسالة الإلهية ، اللذين يشدّان أزره في التغلب على عوامل الشر.
لقد كان آدم في نعيم الجنة يتمتّع بما فيها من كل ما تشتهي الأنفس ، وتلذّ به الأعين ، ويتنقّل بين أشجارها ، ويتفيّأ ظلالها ، ويتفكّه بثمارها ، ويرتوي من عذب مياهها ، وشاركته زوجته هذه المتعة. ولكنّ الشيطان أغراهما بالأكل من الشجرة وأقسم لهما بأنه من الناصحين. فلمّا أطاعا الشيطان ، وأكلا من الشجرة ، سلب الله عنهما نعمته وحرمهما جنته :
(وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٢٢).
وقد ندم آدم وحواء أشد الندم ، وتابا إلى الله توبة نصوحا ، فتاب الله عليهما وأمرهما أن يهبطا إلى الأرض ليكدحا ويعملا ، فتعمر الأرض وتنتشر الحياة في جنباتها. وقد حذّر الله آدم وذرّيّته من الشيطان وإغرائه ؛ وبيّن سبحانه أن على المؤمن أن يلجأ إلى ربه ، وأن يستعين بهداه ، وألّا يخلد الى الهوى وألا ييأس من رحمة الله. فقد فتح الله باب التوبة على مصراعيه حتّى يتوب إليه التائبون ويلجأ إليه المؤمنون. فكلّ