بني آدم خطّاؤون وخير الخطّائين التوّابون.
والمؤمن يتسامى بغرائزه ، وينتصر على شهواته ، وينهى نفسه عن الهوى ، ويحملها على طريق الفلاح والاستقامة. قال تعالى :
(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠) [الشمس].
٥ ـ نعمة الثياب والزينة
تحدثت سورة الأعراف عن نعم الله تعالى على بني آدم ، ومن هذه النعم نعمة الملبس الذي يستر الناس به عورتهم ويجمّلون به أنفسهم ، هيّأ الله لهم مادّته من القطن والصوف والحرير وما إليها ، وألهمهم ، بما خلق فيهم من غرائز ، طرق استنباتها ، وطرق صناعتها ، بالغزل والنسيج والخياطة ؛ ولفت أنظارهم إلى أن تقوى الله في الانتفاع بتلك النعمة ، واستخدامها في طاعة الله وشكره. وبذلك تستر الثياب العورة ، وتكون مصدر نعمة لا نقمة.
قال تعالى :
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٢٦).
وفي هذا تنبيه إلى ان الحضارة الحقّة ليست في كشف المفاتن ، ولا في إظهار العورات ، وإنّما الحضارة الحقّة في السير على سنّة الله ، وهدى رسله وتعاليم أنبيائه.
توسّط الإسلام في شأن الزينة
من الآيات المشهورة قوله تعالى :
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١).
ومن هذه الآية تلمح سماحة الإسلام ويسره ، فهو يأمر بالنظافة ، ويدعو إلى التجمّل والتزيّن ، ويحث على التمتّع بالطيبات. وفي الحديث الشريف يقول النبي (ص) :
«إنّ الله نظيف يحبّ النّظافة ، جميل يحبّ الجمال ، طيّب يحبّ الطّيبين».
وقد جاء الإسلام دينا وسطا ، فقد نهى عن التبذير والإسراف ، وحذّر من الشح والبخل ، وأمر بالقصد والاعتدال قال تعالى :
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ