ومن يضلله لا ينتفع به ، إلى غير هذا مما يأتي في هذه الخاتمة.
المقدمة
الآيات [١ ـ ٩]
قال الله تعالى : (المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) فذكر أن القرآن كتاب أنزل الى النبي (ص) ، ونهاه أن يضيق صدره من تكذيب المشركين له ، لينذر به المشركين ويذكّر المؤمنين ، وفي هذا براعة مطلع للغرض المقصود من هذه السورة ، ثم أمرهم أن يتّبعوا ما أنزل إليهم من ربهم ولا يتّبعوا غيره من أوليائهم ، وأنذرهم إجمالا بأنه كم أهلك قبلهم من قرية بعذاب جاءهم بياتا أو هم قائلون ، فلما جاءهم العذاب اعترفوا بظلمهم فلم ينفعهم اعترافهم ، ثم ذكر أنه سيجمعهم ومن أرسلوا إليهم فيسألهم عن أمرهم ، ويقصّ عليهم ما يعلمه من أعمالهم ، ويزن أعمالهم بالحقّ (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٩).
قصة آدم وإبليس
الآيات [١٠ ـ ٥٨]
ثم قال تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (١٠) ، فذكر نعمته عليهم بالتمكين لهم في الأرض تمهيدا لقصة آدم. لأنه أول من مكّن له فيها ، ثم ذكر أنه خلقه ثم صوّره ثمّ أمر الملائكة بالسّجود له تكريما لخلقه ، وأن إبليس امتنع عن السجود له عنادا واستكبارا ، وأنه جازاه على هذا باللعن والطرد من الجنة ، وجعل وظيفته أقبح وظيفة وهي الوسوسة بالشر ، ثم ذكر أنه أسكن آدم وزوجته الجنة ونهاهما ، عن الأكل من شجرة منها عيّنها لهما ، وأنّ إبليس احتال عليهما حتّى أكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة حياء ، ثم ذكر أنه ناداهما بنهيه لهما فاعترفا بذنبهما ، فأمرهما بأن يهبطا من الجنة إلى الأرض ، وأوقع العداوة فيها بين ذرّيتهم وبين إبليس ، وجعل لهم فيها مستقرّا ومتاعا إلى أن يرجعهم إليه.
ثم ذكر أنه أنزل عليهما وعلى ذريتهما ، بعد هبوطهما إلى الأرض ، لباسا يواري سوآتهم ، وأن لباس التقوى