النار أنهم وجدوا ما وعدهم ربّهم حقّا ، فهل وجدوا ما وعدوا به من العذاب حقّا؟ فيجيبونهم بأنهم وجدوه حقّا ؛ ثم ذكر أنه يوجد على الأعراف بين الجنة والنار رجال يعرفون كلّا من أهل الجنة والنار بسيماهم وينادونهم بما ذكره في ندائهم ، وأن أصحاب النار ينادون أصحاب الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء ، أو بما رزقهم الله ، فيجيبونهم بأن الله حرّمهما على الكافرين الذين اغترّوا بدنياهم ، وأنه ينساهم في آخرتهم كما نسوا لقاءها ؛ ثم ذكر سبحانه أنه جاءهم بكتاب فصّله على علم وجعله هدى ورحمة فقطع به عذرهم ، ووبّخهم على انتظارهم تأويل ما أنذرهم به من العذاب ؛ وذكر أنه يوم يأتي تأويله ، يعترفون بأنّ ما أنذروا به حق ، ثم يسألون عن شفعاء يشفعون لهم ، أو أن يردّوا ليعملوا أعمالا غير أعمالهم.
ثم أخذ السّياق في إبطال اعتقادهم في أولئك الشفاء ، فذكر أنه سبحانه ربّهم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام إلخ ، وأمرهم أن يدعوه جلّ شأنه تضرّعا وخفية ، ولا يفسدوا في الأرض بعد أن أصلحها ومكّن لهم فيها ؛ وأن يدعوه خائفين عذابه ، راجين رحمته ، لأن رحمته قريب من المحسنين ؛ ثم ذكر تعالى أنه هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ، لتحمل السحاب الى البلد الميّت فتحييه ، وأنه كذلك يحيي الموتى لعلهم يتذكرون (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) (٥٨).
قصة نوح وقومه
الآيات [٥٩ ـ ٦٤]
ثم قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٥٩) فذكر أن نوحا أمر قومه بأن يعبدوا الله وحده وأنذرهم ، إن لم يطيعوه ، بعذاب يوم عظيم ؛ وأنهم أجابوه بأنهم يرونه في ضلال مبين ، وأنه أجابهم بأنه لا ضلالة به ، ولكنّه رسول من الله إليهم ، وأنه ينصح لهم ويعلم من الله مالا يعلمون ؛ ثم ذكر أنهم أصرّوا على تكذيبه فأنجاه سبحانه ، والذين معه في الفلك (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) (٦٤).