كحالها مع الياء ، إذا قلت : يا أبي. فإن قلت : فما وجه من قرأ بفتح التاء وضمّها؟ قلت : أمّا من فتح فقد حذف الألف من «يا أبتا» ، واستبقى الفتحة قبلها ، كما فعل من حذف الياء في «يا غلام» ، ويجوز أن يقال : حرّكها بحركة الياء المعوّض منها في قولك : «يا أبي».
وأمّا من ضمّ ، فقد رأى اسما في آخره تاء تأنيث ، فأجراه مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء ، فقال : «يا أبت» كما تقول : «يا تبّة» ، من غير اعتبار لكونها عوضا من ياء الإضافة.
أقول : هذا النمط من المعالجة يكثر عند اللغويين ، حينما يعرضون لمسائل صرفية ، فيرتكبون من الشطط ما يرتكبون ، ويتعسّفون تعسفا في سبيل الوصول إلى ما يريدون.
قالوا : إنّ «التاء» في «يا أبت» عوض من ياء الإضافة في قولهم : «يا أبي».
أقول : ولم كانت التاء وهي صوت ساكن CONSONNE في علم الأصوات ، عوضا من صوت مصوّت هو الياء الليّنة الممدودة ؛ وطبيعة هذه ، تختلف كل الاختلاف عن طبيعة تلك؟
وإذا كانت هذه التاء ، كما زعموا ، عوضا من ياء الإضافة ، فهلّا قالوا في التاء في «ربّت» ، و «ثمّت» أنها عوض من صوت آخر هو الياء أو غيره؟ لم يقولوا شيئا من ذلك ، وإنما أشاروا إلى زيادتها في تلك المواد.
وقالوا في التاء من «لات» في قوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣) [ص].
إنها تاء التأنيث ، وقيل ، للمبالغة ، وقيل لهما جميعا (١).
أقول : إذا كانت التاء للتأنيث فكيف تلزم الكسر؟ وما رأينا تاء للتأنيث تلزم الكسر. وتاء التأنيث يوقف عليها بالهاء ، وقالوا إنّ «أبت» يوقف عليها فتكون التاء هاء ، فهل وقف على هذه التاء فصارت هاء؟ لم يؤثر شيء من ذلك.
وماذا نقول في جواز فتحها وضمّها؟ ولم يؤثر عن بعضهم أنه قرأ بالفتح او
__________________
(١). كيف تكون التاء في «لات» للتأنيث وللمبالغة؟ هذا منطق غريب. وقد أدرك ضعف هذا القول اللغويون ، فنظروا إلى المسألة نظرا آخر ، فقالوا : تزاد التاء في أول كلمة «حين» فتصبح «تحين» وكأن التاء أداة تعريف ، وعلى هذا تكون «لات حين» هي «لا تحين». ومثل حين «الآن» فقالوا : تلان.