والذي يقتضيه النظر ، وفاقا لأكثر أهل النظر ، أنّه كلّما حصل القطع من دليل عقليّ ، فلا يجوز أن يعارضه دليل نقليّ.
وإن وجد ما ظاهره المعارضة ، فلا بدّ من تأويله إن لم يمكن طرحه.
______________________________________________________
الى المقدمات البديهية ، كما هو الشأن في غالب الاستدلالات على الاصول والفروع ، حيث انها نظرية لكنها تنتهي الى القضايا البديهية ، فان ما بالغير لا بد وان ينتهي الى ما بالذات كما ذكروا.
(و) حيث قد عرفت الاشكال في كلمات المحدثين الثلاثة نقول : (الذي يقتضيه النظر) في الادلة (وفاقا لأكثر اهل النظر) والفكر (انه كلّما حصل القطع من دليل عقلي) سواء سمّي بالعقل الفطري ، او غيره ، أو كان من الادلة البديهية ، او النظرية (فلا يجوز) اي لا يمكن (ان يعارضه دليل نقلي) اذ العقل : الاصل ، والنقل مستند اليه في حجيته ، ولا يمكن ان يعارض الفرع الاصل.
(وان وجد) من الأدلة النقلية (ما ظاهره المعارضة فلا بد من تأويله) وأصل «التأويل» من الأول بمعنى : الانتهاء ، من آل يؤول ، اي لا بد ان نقول : ان الكلام لا يقف عند ظاهره ، بل ينتهي الى شيء غير الظاهر.
هذا (ان لم يمكن طرحه) من حيث السند ، او من حيث جهة الصدور امكانا حسب الصناعة ، والّا فان كان سنده غير نقي ، او كان سنده نقيا لكنه موافق للعامة ، فليس ذلك بحجة ، فلا حاجة الى تأويله بما يوافق العقل بالنتيجة.
مثلا ، العقل القطعي يدل على ان الله سبحانه ليس بجسم ، وانه غير قابل للرؤية ، فاذا كان في القرآن الحكيم : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(١).
أو : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٢).
__________________
(١) ـ سورة طه : الآية ٥.
(٢) ـ سورة القيامة : الآيات ٢٢ ـ ٢٣.