مقدمة البحث
امّا الكلام في المقصد الأول :
فنقول : لا إشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجودا ، لأنّه بنفسه طريق إلى الواقع.
______________________________________________________
(امّا الكلام في المقصد الاول) وهو القطع (فنقول) : هو عبارة عما اذا كان وجدان الانسان الى طرف بحيث يمنع عن نقيضه ـ سواء كان مطابقا للواقع اولا ـ فان طابق الواقع سمّي يقينا ، وان لم يطابق سمي جهلا مركبا ، لانه يجهل الواقع ، ويجهل انه يجهل الواقع.
هذا موضوع القطع ، اما حكمه : فانه (لا اشكال) عقلا وعقلائيا ـ وحيث انه تكويني لا شأن للتشريع فيه ـ (في) حجية القطع ، وانه يحتج المولى على العبدان ترك العمل على طبقه ، ويحتج العبد على المولى ان عمل بقطعه ، وهذا هو معنى : (وجوب متابعة القطع) والّا ، فمع قطع النظر عن الاحتجاج المذكور ، يمكن للانسان ان يقطع ويخالفه (والعمل عليه) جريا ورائه بالعمل ، اذا كان القطع يوجبه ، كالقطع بان هذا اسد فيفرّ منه ، وبالترك ، اذا كان القطع يوجب الترك ، كالقطع بانه ليس بأسد فلا يفرّ ، ولعل الفرق بين المتابعة والعمل هو : ان الاول : لوحظ فيه ان القطع شيء يتبعه الانسان ، كاتباع زيد لعمرو في مشيه ورائه.
والثاني : لوحظ فيه حالة نفسية ـ لاضافة القطع الى النفس ، كاضافة الشجاعة والكرم اليها ـ فيكون العمل على طبق تلك الحالة (ما دام موجودا) فاذا فقد القطع ، كان من السالبة بانتفاء الموضوع (لانه بنفسه طريق الى الواقع) من غير حاجة الى تقوية وتأييد ، بخلاف الظن فانه محتاج اليهما.