مع أنّه ما كان استفادة حكم الفرع من الدليل اللفظيّ الدالّ على حكم الأصل ، مثل قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ)
الثاني : دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة ابن حنظلة على ذلك ؛ ففي الاولى : «قال زرارة : قلت جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران
______________________________________________________
والثاني : اللّفظ دال عليه ، لكن بالمفهوم لا بالمنطوق ، مثل قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) (١) حيث يفهم منه بالأولى عدم ضربهما ، لما يفهم منه بأن علّة التحريم هو : الايذاء ، وايذاء الضرب حيث كان اكثر من ايذاء التأفّف ، فهم منه : ان الضرب محرّم بالأولوية.
والحاصل : ان دلّ اللّفظ عليه فهو مفهوم ، وان لم يدلّ اللّفظ عليه وانّما دلّ عليه العقل ، فهو قياس أولوي ، وعليه فان تمّ كلام صاحب الرياض ، فهو من القياس الأولوي ، لا من مفهوم الموافقة.
والى هذا اشار المصنّف بقوله (مع انّه) أي : ان مفهوم الموافقة هو : (ما كان استفادة حكم الفرع ، من الدليل اللّفظي الدّال على حكم الأصل ، مثل قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) (٢)) لا ما اذا كان من دليل العقل ، فانه ان كان بدلالة العقل لا من دلالة اللّفظ ، فلا يسمّى : بمفهوم الموافقة.
الأمر (الثاني) لتوهم كون الشهرة من الظّنون الخاصة : (دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة ابن حنظلة على ذلك) أي : على حجّية الشهرة الفتوائية ، وانّما سمّيت المرفوعة : مرفوعة ، لأنّ بعض السند قد سقط منها ، وسمّيت المقبولة : مقبولة ، لأنّ الأصحاب تلقّوها بالقبول.
(ففي الاولى : «قال زرارة : قلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ٢٣.
(٢) ـ سورة الاسراء : الآية ٢٣.