ولم يتنبّه على أنّ ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب ، إذ ما من مصنّف إلّا وهو يعمل بالخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل.
وأفرط آخرون في طريق ردّ الخبر ، حتّى أحالوا استعماله عقلا.
واقتصر آخرون ، فلم يروا العقل مانعا ، لكنّ الشرع لم يأذن في العمل به.
______________________________________________________
فلا ينبغي الاقتصار على خبر السليم.
والحاصل : انّه يلزم علينا أن نعمل بكل خبر كان على صحة مضمونة قرينة ، سواء كان سنده حجّة ، أو لم يكن سنده حجّة ، فلا نأخذ بكل خبر مهما كان سنده ، ولا نترك الخبر الذي سنده غير نقي إذا كان على مضمونه قرينة معتبرة.
هذا ، والظاهر من قول المحقّق : «واقتصر بعضهم من هذا الافراط» الخ ، انّه أراد به : بعض محدثي الشيعة ، لا الحشوية من العامّة ، بقرينة قوله بعد ذلك :
(ولم يتنبّه) هذا القائل المقتصر (على أنّ ذلك) الاقتصار (طعن في علماء الشيعة ، وقدح في المذهب ، إذ ما من مصنّف إلّا وهو يعمل بالخبر المجروح) رواية إذا كانت هناك قرائن على صحته ، ولذا يجبرون الخبر المجروح بالشهرة العملية ، فيعملون به (كما يعمل بخبر العدل).
وكما إنّ هناك إفراطا في العمل بالخبر هناك تفريط فيه أيضا ، وقد أشار إليه بقوله : (وأفرط آخرون في طريق ردّ الخبر ، حتى أحالوا استعماله عقلا) لأنّه يلزم الجمع بين المصلحة والمفسدة ، وتفويت المصلحة وجلب المفسدة والتناقض ، وغير ذلك ـ ممّا تقدّم في كلام ابن قبة ـ.
(واقتصر آخرون) من هذا الافراط (فلم يروا العقل مانعا ، لكنّ الشرع لم يأذن في العمل به) كما تقدّم عن السيّد وأتباعه ، حيث منعوا عن العمل بالخبر من جهة