غير ظاهر ، لأنّ تحريم تعريض النّفس للمهالك والمضارّ الدنيويّة والاخرويّة ممّا دلّ عليه الكتاب والسّنّة ، مثل التعليل في آية النّبأ ، وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ،) وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ،)
______________________________________________________
قلنا بالتّحسين والتّقبيح العقليّين احتياط مستحسن لا واجب (غير ظاهر ، لأنّ تحريم تعريض النفس للمهالك والمضارّ الدّنيويّة والاخرويّة) الكثيرة ، سواء كانت المهالك مظنونة أو محتملة (ممّا دلّ عليه الكتاب والسّنّة) فلا مجال للعقل في ذلك ، وإن كان العقل أيضا مؤيّدا.
(مثل التعليل في آية النّبأ) حيث قال سبحانه : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (١) وذلك لأنّ في ارتكاب الضّرر المظنون أو المحتمل ، مخافة الوقوع في النّدم لا محالة.
(وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)) (٢) على التّقريب المتقدّم.
وربّما يقال : إنّ الاستدلال بالآية المباركة مبنيّ على كون ظاهره : المنع عن إلقاء النّفس في معرض الهلكة ، الصّادق مع الظّنّ بها أيضا لا الهلكة الواقعيّة ، ولذا يكون الاحتمال أيضا كالقطع والظّنّ في المقام.
(وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣)) فانّ بعض المفسّرين قال : «الفتنة» هي الحروب ، والمشكلات ، والعذاب الأليم هو الأسر على يد الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، والقتل أشبه ذلك.
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٩٥.
(٣) ـ سورة النور : الآية ٦٣.