بناء على إنّ المراد العذاب والفتنة الدنيويّان.
وقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ،)
______________________________________________________
ولذا قال المصنّف : (بناء على إنّ المراد : العذاب والفتنة الدنيويّان) فإنّ مقتضى الآية : عليه كلّ من احتمال إصابة الفتنة والعذاب الأليم ، لوجوب الحذر ، ومن المعلوم : إذا ثبت وجوب الحذر بمجرد احتمال إصابة الفتنة أو العذاب الأليم ، فمع ظنّهما يجب بطريق أولى.
وإنّما قيّدهما المصنّف بالدنيويّين ، لأنّه إذا فسرت الفتنة والعذاب الأليم بالأخرويّين ، كان المراد بالفتنة حينئذ : عذاب القبر ، كما ورد في بعض الرّوايات : إرادة عذاب القبر من الفتنة ، فلا ترتبط الآية المباركة بما نحن فيه ، إذ إصابة أحد الأمرين في الآخرة ، قبرا وقيامة لأجل مخالفة أمره سبحانه وتعالى معلومة لا مظنونة.
والحاصل : إنّ المراد بالفتنة والعذاب في الآية محتمل لثلاثة أمور :
الأوّل : أن يكون المراد بهما الدنيويّين كما يظهر من بعض المفسّرين ، فقد قال الطبرسي في قوله تعالى (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) (١) أي : بليّة تظهر ما في قلوبهم من النّفاق ، وقيل عقوبة في الدّنيا أو يصيبهم عذاب أليم في الدّنيا.
الثّاني : أن يكونا الاخرويّين كما ذكرناه.
الثالث : أن يكون المراد بالفتنة : الدنيويّة ، وبالعذاب : الاخروي.
(وقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ...)) (٢).
__________________
(١) ـ سورة النور : الآية ٦٣.
(٢) ـ سورة الأنفال : الآية ٢٥.