وقوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ،) وقوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ،) إلى غير ذلك.
______________________________________________________
فإنّ أثر بعض المحرّمات يصيب الفاعل فقط ، مثل ترك الصّلاة والصّوم وما أشبه.
وأثر بعضها يصيب الفاعل وغيره ، كما إذا شرب الأب الخمر أو زنا ، فإنّه يؤثر في نسله ، وقد مثل الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالسّفينة ومن يريد خرقها ، فإنّه إذا أخذوا بيده نجا ونجوا ، وإذا لم يأخذوا بيده غرق وغرقوا ، فالمراد : اتّقاء الفتنة بإنكار المنكر.
ومن المعلوم : إنّ إصابة الانسان بسبب عمل غيره ، ليس بمقطوع به في كثير من الأحيان ، بل إما مظنون أو محتمل.
(وقوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ)) (١) أي : يخوّفكم من أن يغضب عليكم بسبب عصيانكم له ، فيجب الاحتراز عن كلّ ما يوجب غضبه ، أو يظنّ إنّ غضبه فيه ، أو يحتمل ذلك ، فهو مثل قولنا : احذر الأسد ، فإنّ السّامع يفهم منه : إنّه يجب عليه أن لا يذهب إلى مكان يقطع أو يظنّ أو يحتمل إنّ فيه أسد.
(وقوله سبحانه : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ)) (أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ، أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) (٢).
فانّ من يقدم على مقطوع الضّرر ، أو محتمل الضّرر ، أو مظنون الضّرر لا أن له ، فاللازم إنّه إذا أراد أن يكون آمنا أن يجتنبها جميعا. (إلى غير ذلك) من الآيات والرّوايات ، الّتي تدلّ على لزوم اجتناب الضّرر مقطوعا أو مظنونا أو محتملا.
__________________
(١) ـ سورة آل عمران : الآية ٢٨.
(٢) ـ سورة النّحل : الآيات ٤٥ ـ ٤٧.