نعم ، التّمسّك في سند الكبرى بالأدلّة الشّرعيّة يخرج الدّليل المذكور عن الأدلّة العقليّة.
لكنّ الظّاهر إنّ مراد الحاجبي منع أصل الكبرى ، لا مجرّد منع استقلال العقل بلزومه. ولا يبعد عن الحاجبي ان يشتبه عليه حكم العقل الإلزاميّ بغيره ، بعد أن اشتبه عليه أصل حكم العقل بالحسن والقبح. والمكابرة في الأوّل ليس بأعظم منها في الثّاني.
______________________________________________________
(نعم ، التّمسّك في سند الكبرى) والكبرى هي : إنّ دفع الضّرر المظنون لازم (بالأدلّة الشّرعيّة) كالآيات ، والرّوايات ، والإجماع ، والشّهرة ، ونحوهما (يخرج الدّليل المذكور عن الأدلّة العقليّة) لأنّه إذا كان أحد أجزاء القياس مستندا إلى الشرع ، يكون الدّليل أقرب إلى الشّرع من العقل ، فانّ الدّليل العقلي هو الّذي كبراه وصغراه عقليّان ، أمّا إذا كان أحدهما شرعيّا فانّ النّتيجة تكون شرعيّة.
هذا (لكن الظّاهر : إنّ مراد الحاجبي : منع أصل الكبرى) وإنّه لا دليل على لزوم دفع الضّرر المظنون (لا مجرد منع استقلال العقل بلزومه) أي : بلزوم دفع الضّرر المظنون.
(ولا يبعد عن الحاجبي أن يشتبه عليه حكم العقل الإلزامي بغيره) فإنّه كما تقدّم لم يجعل دفع الضّرر المظنون لازما ، بل قال إنّه احتياط مستحسن (بعد أن اشتبه عليه أصل حكم العقل بالحسن والقبح) إذ الأشاعرة لا يقبلون الحسن والقبح العقليّين على ما تقدّم ، وإنّما يقولون : إنّ الحسن والقبح هما شرعيّان فقط.
(والمكابرة في الأوّل ليس بأعظم منها في الثّاني) بمعنى : إنّ إنكار الحاجبي حكم العقل الإلزامي ، ليس بأعظم من إنكاره الحسن والقبح العقليّين ، فمن أنكر الثّاني لا يبعد منه إنكار الأوّل.