ثانيها : ما يظهر من العدّة والغنية وغيرهما ، من أنّ الحكم المذكور مختص بالأمور الدنيويّة ، فلا يجري في الاخروية مثل العقاب.
وهذا كسابقه في الضّعف ، فانّ المعيار هو التّضرر ، مع إنّ المضار الاخروية أعظم ، اللهم إلّا أن يريد المجيب كما سيجيء ، من أنّ العقاب مأمون على ما لم ينصب الشّارع دليلا على التّكليف به ،
______________________________________________________
(ثانيهما :) أي : ثاني الاجوبة عن الدّليل الأوّل لحجيّة مطلق الظّنّ (ما يظهر من العدّة) للشّيخ (والغنية) لابن زهرة ، (وغيرهما : من انّ الحكم المذكور) وهو : وجوب دفع الضّرر المحتمل (مختص بالأمور الدّنيويّة) فانّ الانسان يجب عليه أن يدفع عن نفسه الأضرار الدّنيويّة ، سواء كانت مقطوعا بها ، أو مظنونا أو محتملا (فلا يجري في الاخرويّة مثل العقاب).
فإنّ دفع الضّرر المظنون الاخروي ليس بواجب ، لأنّ البراءة العقليّة والشّرعيّة تؤمّنان الانسان عن العقاب الاخروي ما لم يعلم بالعقاب أو لم يقم دليل عليه ممّا يسمّى بالعلمي.
(وهذا كسابقه) أي : الجواب الأوّل الّذي ذكروه (في الضعف) وإنّما كان هذا الجواب ضعيفا لأنّه كما قال : (فانّ المعيار هو التّضرّر) فكلّما احتمل الانسان الضّرر ، أو الظّنّ به ، لزم اجتنابه أخرويّا كان أو دنيويّا ، هذا (مع إنّ المضارّ الاخروية أعظم).
وعلى أي حال : فانّ الكبرى مسلّمة في نفسها (اللهم إلّا أن يريد المجيب) بهذا الجواب (كما سيجيء) إن شاء الله تعالى : (من أنّ العقاب مأمون على ما لم ينصب الشّارع دليلا على التّكليف به) أي : إنّه لا ينكر كلّيّة الكبرى ، وإنّما ينكر أن يكون صغرى العقاب الاخروي من صغريات هذه الكبرى فيما إذا لم