المذكور : «أنّ حكم العقل إمّا أن يريد به الحكم القطعيّ أو الظنّي.
فان كان الأوّل ، فدعوى كون مقتضى أصل البراءة قطعيّا أوّل الكلام ، كما لا يخفى على من لاحظ أدلّة المثبتين والنافين من العقل والنقل.
سلّمنا كونه قطعيّا في الجملة ، لكنّ المسلّم إنّما هو قبل ورود الشرع.
وأمّا بعد ورود الشرع ، فالعلم بأنّ فيه أحكاما إجماليّة على سبيل اليقين يثبّطنا عن الحكم بالعدم قطعا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
المذكور) وإنّ البراءة ليست من باب حكم العقل (: انّ حكم العقل إمّا أن يريد به الحكم القطعيّ ، أو الظّني؟) أي : هل إنّ العقل يحكم قطعا بالبراءة أو يحكم ظنا بالبراءة؟.
(فان كان الأوّل) أي : الحكم العقلي القطعي (فدعوى كون مقتضى أصل البراءة قطعيّا ، أول الكلام) فانّا لا نسلم القطع بعدم الحرمة ، الذي هو مقتضى البراءة (كما لا يخفى على من لاحظ أدلة المثبتين والنافين من العقل والنقل) حيث إنّ بعضهم أثبتوا حكم العقل والنقل بالبراءة ، وبعض نفوها ، ففي مثل ذلك هل يمكن أن يقال : إنّ حكم العقل بالبراءة قطعي؟.
(سلّمنا كونه) أي : كون حكم العقل بالبراءة (قطعيّا في الجملة) ومعنى «في الجملة» : ما فسّره بقوله بعد ذلك : (لكنّ المسلّم إنّما هو قبل ورود الشّرع) فانّه قبل ورود الشرع البراءة قطعية.
(وأمّا بعد ورود الشّرع ، فالعلم بأنّ فيه) أي : في الشرع (أحكاما إجماليّة على سبيل اليقين) لأنّه بعد ورود الشّرع نعلم إنّ لنا أحكاما في الجملة ، فان هذا العلم الاجمالي (يثبّطنا) أي يمنعنا (عن الحكم بالعدم) أي : الحكم بعدم الحرمة (قطعا ، كما لا يخفى) فانّه كيف نتمكن أن نحكم بالبراءة بصورة قطعيّة ، بعد أن