فكلّ حكم حصل العلم به من ضرورة أو إجماع نحكم به ، وما لم يحصل العلم به نحكم فيه بأصالة البراءة ، لا لكونها مفيدة للظنّ ، ولا للاجماع على وجوب التمسّك بها ، بل لأنّ العقل يحكم بأنّه لا يثبت تكليف علينا إلّا بالعلم به ، أو بظنّ يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم.
ففيما انتفى الأمران فيه يحكم العقل ببراءة الذمّة عنه وعدم جواز العقاب على تركه ، لا لأنّ الأصل المذكور يفيد ظنّا بمقتضاها
______________________________________________________
بيان المحقّق المذكور له.
قال : (فكلّ حكم حصل العلم به) أي : بذلك الحكم حصولا (من ضرورة ، أو إجماع ، نحكم به) أي : بذلك الحكم (وما لم يحصل العلم به ، نحكم فيه بأصالة البراءة) وإنّما نحكم بأصالة البراءة (لا لكونها مفيدة للظّنّ) فانّ حجيّتها ليست من باب الظن (ولا للاجماع على وجوب التمسك بها) أي : بالبراءة حتى يقال : إنّ الظّن ليس بحجّة ، والاجماع غير ثابت (بل لأنّ العقل يحكم بأنّه لا يثبت تكليف علينا إلّا بالعلم به ، أو بظنّ يقوم على اعتباره دليل يفيد) ذلك الدليل (العلم) أي : يكون علميا.
والحاصل : إنّه لا يثبت التكليف علينا إلّا بالعلم أو بالعلمي (ففيما انتفى الأمران) لا علم ولا علمي (فيه) أي : في ذلك الحكم ، والضمير عائد الى «ما» في قوله «ففيما» (يحكم العقل ببراءة الذّمة عنه) أي : عن ذلك الحكم (وعدم جواز العقاب على تركه).
يعني : إنّ الحكم إن كان واقعيا ولم يصل إلينا بعلم أو علمي ، فالعقل يحكم بان المولى ، لا يتمكن أن يعاقب على ذلك الحكم المجهول عندنا (لا لأنّ الأصل المذكور يفيد ظنّا بمقتضاها) أي : بمقتضى البراءة ، وذلك لأنّا لا نعمل بالبراءة