العظيم. والبشرى للذين صبروا ، ومضاعفة الثواب لهم.
ثم تذكر الآيات بعض آداب تلاوة القرآن ، وهي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، لطرد شبحه من مجلس القرآن الكريم ، كما تذكر بعض تقوّلات المشركين عن القرآن ، فمنهم من يرمي الرسول (ص) بافترائه على الله ، ومنهم من يقول : إن غلاما أعجميّا هو الذي يعلمه هذا القرآن.
وفي نهاية الدرس ، يبيّن جزاء من يكفر بعد إيمانه ، ومن يكره على الكفر ، وقلبه مطمئنّ بالإيمان. ويبيّن جزاء من فتنوا عن دينهم ، ثم هاجروا ، وجاهدوا ، وصبروا. وكلّ أولئك ، تبيان وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين.
وفي الآيات إباحة لمن أكره على الكفر ، أن ينطق لسانه به ، ما دام قلبه عامرا بالإيمان. روى ابن جرير بإسناده أن العذاب لمّا اشتد على عمار بن ياسر ، نطق ببعض ما أرادوا ، ثم شكا ذلك الى النبي (ص) فقال له النبي : «كيف تجد قلبك؟» قال : مطمئنّا بالإيمان. قال النبي : «إن عادوا فعد» ، فكانت رخصة في مثل هذه الحال. وقد أبى بعض المسلمين أن يظهروا الكفر بلسانهم ، مؤثرين الموت على لفظه باللسان ، كذلك صنعت سميّة أم ياسر ، وهي تطعن بالحربة في موضع العفّة حتى تموت ، وكذلك صنع أبوها ياسر.
وقد كان بلال ، رضوان الله عليه ، يعذّب أشدّ العذاب ، حتى لتوضع الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر ، ويطلب منه أن ينطق بكلمة الشرك ، فيأبى وهو يقول : أحد أحد.
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أيّ جنب كان في الله مصرعي
ختام سورة النحل
يتحدث الربع الأخير من سورة النحل ، عن مثل ضربه الله سبحانه ، لتصوير حال مكّة وقومها المشركين ، الذين جحدوا نعمة الله عليهم ، لينظروا المصير الذي يتهدّدهم من خلال المثل الذي يضربه لهم ، حين يقول سبحانه :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (١١٢).