مدّة لبثهم بالكهف أحصى لها أمدا ؛ ثم فصّل هذا الإجمال ، فذكر أنهم فتية آمنوا به سبحانه ، وزادهم هدى ، وأنه ربط على قلوبهم ، إذ قاموا بين يدي ملكهم فصرّحوا له بإيمانهم ؛ وخالفوه وقومه في عبادة آلهتهم ؛ ثم ذكر أنهم اتفقوا حينما اعتزلوا قومهم ، أن يأووا إلى كهف بجبل قريب من مدينتهم. فلمّا ذهبوا إليه ، وضرب على آذانهم فناموا ، كانت الشمس ، إذا طلعت ، تميل عن كهفهم ذات اليمين ، وإذا غربت تميل عنه ذات الشّمال ، ليصون أجسامهم من الفساد بضوء الشمس ؛ ثم ذكر أنه كان يقلّبهم ذات اليمين وذات الشّمال لئلا تبلى أجسامهم ، وأنّ كلبهم وقع في النوم معهم وهو باسط ذراعيه بباب الكهف ليحرسهم ؛ ثم ذكر أنه ، جلّ جلاله ، بعثهم من نومهم ليتساءلوا بينهم عن مدة لبثهم ، وأنهم بعثوا أحدهم بورقهم ليشتري لهم طعاما من مدينتهم ، وأمروه أن يتلطّف في أمره حتى لا يشعر أحد بهم فيرجموهم أو يعيدوهم في ملّتهم ؛ ثم ذكر أنه أعثر قومهم عليهم ، ليعلموا أنّ وعده سبحانه ، بالبعث حقّ ، لأنّ قيام أصحاب الكهف بعد ذلك النوم الطويل يشبه البعث من الموت. ثم ذكر أن قومهم تنازعوا في أمرهم ، لأنه أماتهم بعد إعثارهم عليهم ، فقال بعضهم : الأولى أن نسدّ باب الكهف فلا يدخل عليهم أحد ، ولا يقف على أحوالهم إنسان. وقال آخرون : بل الاولى أن نبني على باب الكهف مسجدا نعبد الله فيه ، ونستبقي آثار أصحاب الكهف به.
ثم ذكر ما كان من اختلافهم في عددهم ، وأمر النبي (ص) أن يذكر لهم أنّ الله أعلم به ، وأنه لا يعلمه إلّا قليل ممّن آثره بعلمه ، ونهاه أن يجادلهم في أمرهم إلّا جدالا ظاهرا ، فلا يكذّبهم فيما يعيّنونه من عدد ، بل يذكر لهم أنّ هذا التعيين لا دليل عليه ، فيجب التوقف في أمره وترك القطع به. ثم نهاه أن يستفتي أحدا منهم فيهم لأنهم لا علم عندهم بهم ، وألّا يقدم على شيء من ذلك وغيره إلّا بإذنه ومشيئته ، فلا يرجم بالغيب كما يرجمون في أمر أصحاب الكهف. ثم ذكر اختلافهم