إبطال الشرك
الآيات [١ ـ ٢٣]
قال الله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١) فافتتحها بآيتين أجمل فيهما أغراضها ، فأنذرهم فيهما بأنه أتى أمره بعذابهم ، ونزّه ذاته عن شركائهم ؛ وذكر أنه ينزّل الملائكة بالوحي على من يشاء من عباده ، لينذروا الناس بتوحيده ويأمروهم بتقواه.
ثم شرع في إبطال الشرك وإثبات التوحيد ، فذكر سبحانه ، أنه خلق السماوات والأرض بالحق ، وأنه خلق الإنسان من نطفة. وأنه خلق الأنعام فيها دفء ومنافع لنا ، وأنه خلق الخيل والبغال والحمير لنركبها ونتّخذها زينة ؛ وأنه يخلق غير هذا ، مما لا يدخل في علمنا ؛ وأنّه يبين بهذا قصد السبيل إليه ، ومنها جائر ينحرف عنه ؛ ولو شاء سبحانه لهداهم أجمعين. ثم ذكر أنه سبحانه هو الذي أنزل من السماء ماء ، منه شراب ومنه شجر ، وأنه جلّ شأنه ، ينبت الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ، ومن كل الثمرات ؛ وأنه تعالى ، سخّر الليل والنهار والشمس والقمر ، والنجوم مسخرات بأمره ، وأنه سخّر البحر لنأكل منه لحما طريا ، ونستخرج منه حلية نلبسها ، وأنه ألقى في الأرض رواسي : جبالا ، وأنهارا وسبلا لنهتدي بها ؛ وأنه جعل علامات في هذه السبل ، لنهتدي بها فيها ، كما نهتدي بالنجم أيضا.
ثم ذكر ، أنه لا يصح أن يكون من يخلق هذا كله ، كمن لا يخلق ، من أصنامهم التي يتخذونها شركاء له ؛ وأنهم إن يعدّوا نعمته ممّا سبق وغيره لا يحصوها ؛ وأنه سبحانه يعلم سرّهم وعلانيتهم ، وأنّ الذين يدعونهم من دونه لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ، وهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون ، ثم ذكر أنّه يجب بعد هذا كله أن يكون إلههم واحدا ، وأنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين لا يؤمنون به ، لأن قلوبهم منكرة وهم مستكبرون (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣).
رد شبهة لهم على القرآن
الآيات [٢٤ ـ ٣٤]
ثم قال تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) فذكر أنهم إذا سئلوا عن القرآن ، قالوا إنه