الأهل ، في قوله تعالى (اسْتَطْعَما أَهْلَها) [الآية ٧٧] بعد أن سبق ذكر الأهل مرّة؟
قلنا : الحكمة فيه ، فائدته في إعادة التأكيد.
فإن قيل : لم قال تعالى : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) [الآية ٧٧] نسب الإرادة إلى الجماد وهي من صفات من يعقل؟
قلنا : هذا مجاز بطريق المشاهدة ، لأنّ الجدار بعد مشارفته ومداناته للانقضاض والسقوط شابه من يعقل ، وفي تهيّئه للسقوط فظهر منه هيئة السقوط كما تظهر ممّن يعقل ويريد ، فنسبت إليه الإرادة مجازا بطريق المشابهة في الصورة ، وقد أضافت العرب أفعال العقلاء إلى ما لا يعقل مجازا ؛ قال الشاعر :
يريد الرّمح صدر أبي براء |
|
ويعدل عن دماء بني عقيل |
وقال حسّان :
إنّ دهرا يلفّ شملي بجمل |
|
لزمان يهمّ بالإحسان |
ومن أمثالهم «تمرّد مارد وعزّ الأبلق» ؛ ومنه قوله تعالى : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) [الأعراف : ١٥٤] وقوله جلّ شأنه (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) [محمد : ٢١] وقوله جلّ شأنه (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١) [فصلت] ونظائره كثيرة.
فإن قيل : لأي سبب لم يفارقه الخضر (ع) عند الاعتراض الأوّل والثاني ، وفارقه عند الثالث؟
قلنا لوجهين : أحدهما أن موسى (ع) شرط على الخضر (ع) ترك مصاحبته على تقدير وجود الاعتراض الثالث ، وقد وجد ، فكان راضيا به. الثاني ، أنّ اعتراض موسى (ع) في المرة الأولى والثانية كان تورّعا وصلابة في الدين ؛ واعتراضه في المرة الثالثة لم يكن كذلك.
فإن قيل : قوله تعالى (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الآية ٧٩] علّته خوف الغصب ، فكان حقّه أن يتأخّر عن علّته ، فلم قدّم عليها؟
قلنا : هو متأخّر عنه ، لأن علة تعييبها أو علّة إرادته تعييبها خوف الغصب وخوف الغصب سابق ، لأنه الحامل للخضر (ع) على ما فعله.
فإن قيل : الشمس في السماء