الشيء في غير موضعه. وفي الشريعة اسم للضرر المفعول ، لا على وجه الاستحقاق ، ولا فيه استجلاب نفع ، ولا دفع ضرر.
والمراد بقوله تعالى : (وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) أي لم تمنع منه شيئا. وإنما حسن أن يعبّر عن هذا المعنى باسم الظلم ، من حيث كان ثمر تلك الجنة التي هي البستان كالمستحقّ لمالكها. فإذا أخذ حقه على كماله وتمامه حسن أن يقال : إنها لم تظلم منه شيئا. أي لم تمنع منه مستحقّا ، فتكون في حكم الظالم إذ أضرّت بمالكها في نقصان زروعها ، وإخلاف ثمارها. ومما يقوّي ذلك قوله سبحانه : (آتَتْ أُكُلَها). أي أعطت أكلها. فلما جاء بلفظ الإعطاء حسن أن يجيء بلفظ الظلم. ومعناه هاهنا المنع. فكأنه تعالى قال : أعطت ما استحقّ عليها ، ولم تمنع منه شيئا.
وقوله تعالى : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) [الآية ٥٦] وهذه استعارة. وأصل الدّحض الزّلق. ومكان دحض : أي مزلق. فكأنه سبحانه قال : ليزلّوا الحقّ بعد ثباته ، ويزيلوه عن مستقرّاته. فيكون كالكسير بعد قوته ، والمائل بعد استقامته.
وقوله سبحانه (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) [الآية ٥٧]. وهذه استعارة. لأنّ المراد بذكر اليدين هاهنا ما كسبه الإنسان من العمل الذي يجرّ العقاب ، ويوجب النّكال. ومثله في القرآن كثير. كقوله سبحانه : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) [آل عمران : ١٨٢]. وذلك على طريقة للعرب معروفة. وهو أن يقولوا للجاني المعاقب : هذا ما جنت يداك. وهذا ما كسبت يداك. وإن لم تكن جنايته عملا بيد ، بل كانت قولا بفم. لأن الغالب على أفعال الفاعلين أن يفعلوها بأيديهم ، فحمل الأمر على الأعرف ، وخرج على الأكثر ؛ وعلى هذا المعنى تسمّى النعمة يدا ، لأن المنعم في الأغلب يعطي بيده ما ينعم به ، وإن لم يقع ذلك في كل حال ، وإنما الحكم للأظهر ، والقول على الأكثر.
وقوله سبحانه : (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ) [الآية ٧٧] وهذه استعارة. لأن الإرادة على حقيقتها لا تصح على الجماد. والمعنى : يكاد أن ينقضّ ، أي يقارب أن ينقضّ. على