المبحث السادس
المعاني اللغوية في سورة «مريم» (١)
قال تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٢) أي : «ممّا نقصّ عليك ذكر رحمة ربّك» (٢) فانتصب العبد بالرحمة. وقد يقول الرجل «هذا ذكر ضرب زيد عمرا» (٣).
وقال سبحانه : (نِداءً خَفِيًّا) (٣) بجعله من الإخفاء.
وقال : (شَيْباً) [الآية ٤] لأنه مصدر في المعنى ناب عن فعله (٤). وليس هو مثل «امتلأت ماء» لأن ذلك ليس بمصدر.
وقوله تعالى : (سَوِيًّا) (١٠) على الحال (٥) ، كأنه أمر في الكفّ عن الكلام سويّا.
وقال : (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ) [الآية ٤٤] فإذا وقفت قلت : «يا آبه» وهي هاء زيدت ؛ كنحو قولك «يا أمّه» ثم تقول «يا أمّ» إذا وصلت ، ولكنّه لما كان «الأب» على حرفين كان كأنه قد أخلّ به ، فصارت الهاء لازمة وصارت الياء كأنها بعدها ، فلذلك قيل «يا أبت أقبل» وجعلت التاء للتأنيث. ويجوز الترخيم لأنه يجوز أن تدعو ما تضيف الى نفسك في المعنى
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتاب ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). نقله في المشكل ٢ : ٤٩ ، والجامع ١١ : ٧٥.
(٣). نقله في إعراب القرآن ٢ : ٦٢٤ ، ونقله في الجامع ١١ : ٧٥.
(٤). نقله في الصحاح «شيب» ، وإعراب القرآن ٢ : ٦٢٤ ، والجامع ١١ : ٧٧.
(٥). نقله في إعراب القرآن ٢ : ٦٢٧.