الشوط الأول : يتضمّن مطلع السورة بالخطاب إلى الرسول (ص).
(طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) (٣).
ثم تتبعه قصّة موسى نموذجا كاملا لرعاية الله سبحانه لمن يختارهم لإبلاغ دعوته ، فلا يشقون بها وهم في رعايته.
والشوط الثاني : يتضمّن مشاهد القيامة ، وقصّة آدم ، وهما يسيران في اتجاه مطلع السورة ، وقصّة موسى. ثم ختام السورة بما يشبه مطلعها ، ويتناسق معه ومع جو السّورة.
وللسّورة ظلّ خاصّ ، يغمر جوّها كلّه. ظلّ علويّ جليل تخشع له القلوب ، وتسكن له النفوس ، وتعنو له الجباه. إنّه الظلّ الذي يخلعه تجلّي الرحمن على عبده موسى بالوادي المقدّس ، في تلك المناجاة الطويلة ، والليل ساكن وموسى وحيد ، والوجود كلّه يتجاوب بذلك النّجاء الطويل. وهو الظلّ الذي يخلعه تجلّي القيّوم في موقف الحشر العظيم :
(وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) (١٠٨).
(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [الآية ١١١].
وإيقاع السورة كلّها يستطرد في مثل هذا الجو من مطلعها إلى ختامها ، رخيّا شجيّا نديّا ، بذلك المدّ الذاهب مع الألف المقصورة ، في أواخر الفواصل كلّها تقريبا.
قصة موسى (ع) في القرآن
بدأت سورة طه بمقدّمة مؤثّرة عن القرآن ، وعن صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى.
ثم قصّ الله على رسوله حديث موسى ، نموذجا لرعايته للمختارين لحمل دعوته. وقصّة موسى ، هي أكثر القصص ورودا في القرآن. وهي تعرض في حلقات تناسب السّورة التي تعرض فيها وجوّها وظلّها. وقد وردت حلقات منها حتى الآن في سورة البقرة ، وسورة المائدة ، وسورة الأعراف ، وسورة يونس ، وسورة الإسراء ، وسورة الكهف ، وذلك غير الإشارات إليها في سور أخرى.
وما جاء منها في المائدة كان حلقة واحدة : حلقة وقوف بني إسرائيل أمام