وكانت عناية الله معه في شبابه حين نجّاه من كيد أتباع فرعون ، وكانت عناية الله معه في رحلته إلى أرض مدين ، ثم في عودته إلى أرض مصر ، على موعد وتدبير إلهي. قال تعالى :
(وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (٤١).
وكلّف الله موسى أن يذهب مع أخيه هارون إلى فرعون ، بعد أن طغى فرعون وتجبّر ، ليقولا له قولا ليّنا ، لا يهيّج الكبرياء الزائف ولا يثير العزّة بالإثم ؛ لعلّ قلبه ، أن يتّعظ أو يتذكّر.
أدلّة موسى (ع) على
وجود الله تعالى
توجه موسى وهارون إلى فرعون ليبلغاه رسالة الله رب العالمين ، فقال فرعون ، كما ورد في التنزيل :
(فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) (٤٩).
فأجاب موسى ، كما ورد في التنزيل أيضا :
(رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٥٠).
وهي إجابة تلخّص أكمل آثار الألوهيّة الخالقة المدبّرة لهذا الوجود : هبة الوجود لكل موجود ، وهبة خلقه على الصورة التي خلق بها ، وهبة هدايته للوظيفة التي خلق لها.
وثنّى قرون بسؤال آخر :
(قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى) (٥١).
ما شأن القرون التي مضت من النّاس؟ أين ذهبت؟ ومن كان ربّها؟ وما يكون شأنها ، وقد هلكت لا تعرف إلهها هذا؟
وأجاب موسى : إنّ علمها عند الله الذي لا تخفى عليه خافية ، وقد سجل عملها في كتاب ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها.
وقد تفضّل الله على الناس بالنعم المتعدّدة ؛ فمهّد لهم الأرض ، وذلّل سبلها ، وأنزل الماء من السماء ، فأجرى به نهر النيل وغيره من الأنهار ، ليخرج الماء أزواجا متعدّدة من النباتات ، يستفيد منها الإنسان والحيوان.
وقد خلق الإنسان من الأرض ، ثم رزق من نباتها ومائها ، ثم يعود إليها ، ثم يبعث منها يوم القيامة.