المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «طه» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة طه بعد سورة مريم ، ونزلت سورة مريم فيما بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء فيكون نزول سورة طه في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لابتدائها به ، وتبلغ آياتها خمسا وثلاثين ومائة آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة ، حثّ النبي (ص) على الصبر على ما يلقاه من إعراض قومه عن دعوته ؛ ولهذا افتتحت بأنه لم ينزل عليه القرآن ليشقى إذا لم يؤمنوا به ، لأنه ليس عليه إلا أن يذكّر به من يخشى ، فإذا لم يؤمنوا به فلا شيء عليه من عدم إيمانهم ؛ ثم قصّ عليه بعد هذا قصّة موسى من أوّلها إلى آخرها ، ليتأسّى بما كان من ثباته أمام فرعون ، ومن صبره على عناد بني إسرائيل ؛ ثمّ قصّ عليه بعدها قصّة آدم ، ليحذّره ممّا وقع فيه بسبب التعجّل ، وعدم الصبر على الابتلاء والاختبار ؛ ثم ختمت السورة بحثّ النبيّ (ص) على الصبر كما افتتحت به.
وقد ذكرت هذه السورة بعد سورة مريم ، لأنّها تشبهها في غلبة الأسلوب القصصي عليها. فهي تعدّ من هذه الناحية كأنها تكميل لها ولسورة الكهف ، وتقرير لما ورد في آخر سورة
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.