المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «طه» (١)
١ ـ وقال تعالى : (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) (٤).
ووصف السماوات ب (العلى) دلالة على عظم قدرة من يخلق مثلها ، في علوّها وبعد مرتقاها.
أقول : (وَالسَّماواتِ الْعُلى) (٤) ، أي : العالية وهو من باب الوصف بالمصدر ، ومعناه اسم الفاعل ، كقولهم : شاهد عدل ، والمعنى عادل أو ذو عدل.
٢ ـ وقال تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٨).
(الحسنى) : تأنيث الأحسن.
أقول : وقد تحوّلت «الحسنى» إلى مصدر ، كالتّقوى والبقيا والبلوى ونحو ذلك ؛ ومنه قوله تعالى :
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦].
(وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) [النحل : ٦٢].
(وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصّلت : ٥٠].
وآيات أخرى ، وكنا عرضنا إلى شيء من هذا في آية سابقة.
٣ ـ وقال تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (١٢).
وقوله تعالى : (طُوىً) (١٢) بالضم والكسر منصرف وغير منصرف بتأويل المكان والبقعة ، وقيل : مرّتين نحو ثنّى ، أي : نداءين ، أو قدّس الوادي كرّة بعد كرّة.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.