المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «طه» (١)
إن قيل : قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً).
لم حكى الله تعالى قول موسى (ع) لأهله عند رؤية النار في هذه السورة ، وفي سورة النمل وفي سورة القصص ، بعبارات مختلفة ، وهذه القضية لم تقع إلّا مرّة واحدة؟
قلنا : قد سبق في سورة الأعراف ، في قصّة موسى (ع) مثل هذا السؤال ؛ والجواب المذكور ، ثمّ هو الجواب هنا.
فإن قيل : قوله تعالى : (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) [الآية ١٦] ظاهر اللفظ نهي من لا يؤمن بالسّاعة عن صدّ موسى عن الإيمان بها. والمقصود هو نهي موسى عن التكذيب بها. فهل بوسعكم شرح ذلك؟.
قلنا : معناه كن شديد الشكيمة في الدين ، صليب المعجم (٢) لئلّا يطمع في صدّك عن الايمان بها من لا يؤمن بها ، وهذا كقولهم : لا أرينّك هاهنا ؛ معناه لا تدن مني ولا تقرب من حضرتي لئلّا أراك ؛ ففي الصورتين النهي متوجه إلى المسبّب ، والمراد به النهي عن السبب ، وهو القرب منه والجلوس بحضرته ، فإنه سبب رؤيته ، وكذلك لين موسى (ع) في الدين وسلاسة قياده سبب لصدّهم إيّاه.
فإن قيل : ما الحكمة من السؤال في قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
(٢). صليب المعجم والمعجمة : عزيز النفس إذا امتحن وجد عزيزا صلبا.