المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «النحل» (١)
١ ـ وقال تعالى : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) [الآية ٧].
(بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) أكثر القرّاء على كسر الشين ومعناه : إلا بجهد الأنفس.
وقرأ أبو جعفر وجماعة : إلّا بشقّ الأنفس.
وكأن الشّق وهو المشقّة ، بكسر الشين ، اسم استحدث من المصدر ، وهو الشّقّ «بفتح الشين».
٢ ـ (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً) [الآية ١٣].
قوله تعالى : (وَما ذَرَأَ) أي : ما خلق لكم في الأرض ، من حيوان وشجر وثمر وغير ذلك. أقول : بين المهموز والمضاعف والناقص المعتلّ ، وشائج في المعنى ، وهذا الفعل يذكّرنا بالمواد ذرّ وما يتأتّى من الذّرية ، والذراري وغير ذلك. كما يذكّرنا بالذّرى والذري ونحوه ، وما يراد بذلك من الزيادة والانتشار.
٣ ـ وقال تعالى : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) [الآية ١٤].
كنا قد بسطنا القول في الآية ٢٢ من سورة يونس ، وعرضنا لمسألة الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
ونريد في هذه الآية أن نعرض لمسألة الفلك ، وأنها جمع بدلالة الصفة «مواخر» ولكننا نجد أن «الفلك» قد جاء دالّا على الإفراد في سورة الشعراء بدلالة الصفة أيضا :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.