عن خشوع ويقين. وتختم سورة الإسراء ، بحمد الله وتنزيهه عن الولد والشريك في الملك ، كما بدئت بتنزيه الله وتسبيحه ؛ ففي أوّل السورة :
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً).
وفي آخر السورة :
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (١١١).
من أسرار الإعجاز
في سورة الإسراء
يقول الله تعالى في سورة الإسراء :
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٨٨).
لقد كانت هناك معركة فكرية ونفسية ، بين القرآن والمشركين ، ألصق المشركون فيها التّهم بالرسول (ص) فرموه بالسحر والجنون ، وافتراء القرآن من عند نفسه ، وقد نزلت سورة الإسراء في ذروة هذه المعركة واحتدامها ، بعد أن مات أبو طالب عمّ الرسول ، وماتت زوجته خديجة ، فكان الإسراء تسرية للرسول الأمين ، وكانت سورة الإسراء قلعة من حصون البيان والجدال بالحجة الدامغة والدليل الواضح.
إنّك تحسّ عند قراءة السورة نبضات حيّة ، تصوّر عنف المشركين وضلال عقيدتهم ، وتبرز أسلوب الدعوة الجديد ، الذي يملك الحجّة على قضية الألوهيّة ، ويسوق الأدلّة على قضيّته من سجلات التاريخ ومن واقع الكون ومشاهده ، ومن التحدي بالقرآن ، وتأكيد عجزهم عن الإتيان بمثله.
والقرآن في سياق حديثه ، ينتقل من فن إلى فن ، ومن وصف للإسراء إلى حديث عن تاريخ اليهود ، إلى ردّ على دعوى المشركين ، إلى ذكر قصص لآدم وإبليس ، وفرعون ، وموسى.
ويربط القرآن بين هذه الأفكار المتناثرة في الظاهر ، برباط قوي متين ، يؤكّد أنه كتاب الله.
وقد تعرّضت علوم السابقين للنقض والتعديل ، ولم يبق كتاب منزّه عن النقض والعيب ، إلّا هذا الكتاب.
وفي ختام هذا الحديث ، يمكننا أن نرجع أهداف سورة الإسراء إلى الأمور الآتية :