إثبات الإسراء من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى
الآيات (١ ـ ٨)
قال الله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١) فذكر تعالى أنّه أسرى بالنبي (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ليريه ما فيه من آياته ؛ ثم ذكر أنه أنزل التوراة على موسى شريعة لأهله من بني إسرائيل ، وأنه قضى إليهم فيها ، أنهم سيفسدون في أرضهم مرتين ، ويخرجون على شريعتهم بعبادة الأوثان والأصنام ، وأنه إذا جاءت المرة الأولى ، بعث عليهم قوما ذوي بأس شديد ، ليخرجوا ديارهم ويهدموا مسجدهم ، وهم قوم بختنصّر ملك بابل ، ثم ينقذهم منهم وينصرهم عليهم ويجعلهم أحسن حالا ممّا كانوا عليه قبل غزوهم ؛ فإذا جاءت المرة الثانية بعث عليهم قوما آخرين يخربون ديارهم ويهدمون مسجدهم كما هدم في المرة الأولى ، وهم الروم الذين غزوهم وأخرجوهم من ديارهم ، ثم التفت السياق إلى اليهود المعاصرين للنبي (ص) بقوله تعالى (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٨).
الموازنة بين كتابي المسجدين
الآيات (٩ ـ ٥٩)
ثم قال تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (٩) فذكر أن القرآن يهدي إلى شريعة أقوم من التوراة ، وأنه يبشّر المؤمنين بأن لهم أجرا كبيرا ، وينذر الكافرين بأنّ لهم عذابا أليما ؛ ثم ذكر سبحانه أنهم يستعجلون هذا العذاب ، الذي ينذرهم به ، استعجالهم للخير ، وكان الإنسان عجولا ؛ واستدلّ على قدرته عليه ، بأنه جعل الليل والنهار آيتين ، فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة ، ليبتغوا أرزاقهم فيها ، وليعلموا عدد السنين والحساب (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١٢) ثم ذكر أن كلّ إنسان تحصى عليه أعماله في دنياه ، ليحاسب عليها يوم القيامة ، وأنّ من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها ، ولا تزر وازرة وزر أخرى (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما