يفقهوه ، وفي آذانهم وقرا ؛ وأنّه إذا ذكره في القرآن ، ولم يذكر آلهتهم فرّوا على أدبارهم نفورا ، وأنه أعلم بحالهم حين يستمعون إليه وإذ هم نجوى إذ يقولون إن تتبعون إلّا رجلا مسحورا ؛ ثم ذكر ممّا يحملهم على زعم هذا فيه ، أنّه يدعي أنهم يبعثون بعد أن يصيروا عظاما ، ورفاتا خلقا جديدا ؛ وردّ عليهم ، بأن الذي فطرهم المرة الاولى قادر على بعثهم ؛ ثم ذكر أنهم سينغضون رؤوسهم (١) ويقولون : متى هو؟ وأجابهم بأنه عسى أن يكون قريبا (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) (٥٢).
ثم أمر النبي (ص) بأن يأمرهم بأن يقولوا التي هي أحسن ، من قولهم إنه رجل مسحور ؛ وذكر لهم أن الشيطان ينزغ بينهم ويزيّن لهم هذه الشتائم ، وأنه سبحانه هو أعلم بهم ، إن يشأ يرحمهم بالإيمان أو يعذبهم بالكفر ، ولم يرسله وكيلا عليهم ، حتى يضيقوا به ويشتموه ، وأنه جلّ جلاله أعلم بمن في السماوات والأرض ، وقد فضّل بعض النبيين على بعض بمقتضى علمه ، وآتى داود زبورا ؛ فلا يصحّ لهم أن يقولوا في النبي (ص) وفي قرآنه ، مالا علم لهم به.
ثم أمرهم بأن يدعوا شركاءهم ليكشفوا عنهم ذلك الضرّ ، الذي يتعجّلون به ، فإنهم لا يملكون كشفه عنهم ، ولا تحويله ، لأنهم عبيد مثلهم ، يبتغون إليه سبحانه الوسيلة ، ويرجون رحمته ، ويخافون عذابه ؛ ثم ذكر أنه ما من قرية من قرى المكذّبين إلا هو مهلكها قبل يوم القيامة ، أو معذّبها عذابا شديدا ، كان ذلك في الكتاب مسطورا ؛ ثم أشار إلى أنه اختار لهم أن يعذّبهم بتسليط المؤمنين عليهم ، ولا يهلكهم بآيات عذابه ، فقال تعالى (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (٥٩).
بيان حكمة الإسراء
الآيات (٦٠ ـ ٨١)
ثم قال تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي
__________________
(١). أي سيحرّكونها.