المبحث الرابع
مكنونات سورة «الإسراء» (١)
١ ـ (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) [الآية ٥].
قال ابن عبّاس وقتادة : بعث الله عليهم جالوت. أخرجه ابن أبي حاتم.
وفي «العجائب» للكرماني ، قيل : هم سنحاريب (٢) وجنوده (٣). وقيل : العمالقة.
وقيل : قوم مؤمنون ، بدليل إضافتهم إليه تعالى.
٢ ـ (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) ([الآية ٧].
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). كذا في «تفسير ابن كثير».
(٣). عزاه الحافظ ابن كثير في تفسيره» ٣ : ٢٥ إلى سعيد بن جبير ، ثم قال الحافظ بعد ذلك : «وقد ذكر ابن أبي حاتم ـ أي في «تفسيره» له ـ أي سنحاريب ملك الموصل ـ قصّة عجيبة ، في كيفية ترقيه من حال إلى حال ، في أنه ملك البلاد ، وأنه كان فقيرا مقعدا ، ضعيفا يستعطي الناس ويستطعمهم ، ثم آل به الحال إلى ما آل ، وأنّه سار إلى بلاد بيت المقدس ، فقتل بها خلقا كثيرا من بني إسرائيل ؛ وقد روى ابن جرير إلى هذا المكان حديثا ، أسنده عن حذيفة مرفوعا مطوّلا وهو موضوع لا محالة ، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث ؛ والعجب كل العجب ، كيف راج عليه ، مع جلالة قدره وإمامته ، وقد صرح الحافظ العلامة أبو الحجاج المزي رحمهالله بأنه موضوع مكذوب ، وكتب ذلك على حاشية الكتاب. وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية ، لم أر تطويل الكتاب بذكرها ، لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ؛ ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ، ونحن في غنية عنها ولله الحمد». ثم ذكر ابن كثير رواية ابن جرير عن سعيد بن المسيّب ، وهي قول سعيد بن المسيّب : ظهر بختنصّر على الشام ، فخرب بيت المقدس ، وقتلهم ؛ ثم أتى دمشق فوجد بها دما يغلي على كبا ، فسألهم ما هذا الدم؟ فقالوا : أدركنا آباءنا على هذا ، كلما ظهر عليه الكبا ظهر ، قال : «فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين ، وغيرهم فسكن». قال ابن كثير : «وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب». وقال أيضا : «وهذا هو المشهور».