المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الإسراء» (١)
إن قيل : لم قال الله تعالى (بِعَبْدِهِ) [الآية ١] ولم يقل «بنبيّه» ، أو «برسوله» ، أو «بحبيبه» ، أو «بصفيّه» ، ونحو ذلك ؛ مع أن المقصود من ذلك الإسراء ، تعظيمه وتبجيله؟
قلنا : إنّما سمّاه عبدا في أرفع مقاماته ، وأجلّها ، وهو هذا ؛ وقوله تعالى : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١٠) [النجم] كي لا تغلط فيه أمّته ، وتضل به كما ضلّت أمة المسيح (ع) به ، فدعته إلها. وقيل كي لا يتطرّق إليه العجب والكبر.
فإن قيل : الإسراء لا يكون إلّا بالليل ، فما فائدة ذكر الليل؟
قلنا : فائدته أنه ذكر منكّرا ليدل على قصر الزمان الذي كان فيه الإسراء والرجوع ، مع أنه كان من مكّة إلى بيت المقدس مسيرة أربعين ليلة ، وذلك لأن التنكير يدل على البعضية ، ويؤيده قراءة عبد الله وحذيفة ، «الليل» : أي بعض الليل كقوله تعالى (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً) [الآية ٧٩] فإنه أمر بالقيام في بعضه.
فإن قيل : أي حكمة في نقله (ص) ، من مكّة إلى بيت المقدس ، ثم العروج به من بيت المقدس إلى السماء ؛ ولم لم يعرج به من مكة إلى السماء دفعة واحدة؟
قلنا لأن بيت المقدس محشر الخلائق ، فأراد الله تعالى أن يطأها الرسول (ص) ، ليسهل على أمته يوم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.