ذلك الاختلاف في دينهم ، فالذين كفروا تقطّع لهم ثياب من نار إلى غير هذا مما ذكره في عقابهم ، والذين آمنوا يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ... (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) (٢٤).
الإذن في القتال
الآيات [٢٥ ـ ٧٨]
ثم قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٥) ، فمهّد للإذن في القتال بذكر ما يفعله المشركون من صدّ المسلمين عن المسجد الحرام ، وقد جعله للناس سواء ، فليس لهم أن يمنعوا أحدا منه ، وهذا إلى أنهم يلحدون فيه بشركهم ، وقد أمر إبراهيم ببنائه ليعبد الله فيه وحده ، وليكون بيتا طاهرا للطائفين والقائمين والمصلّين ، ويحجّ الناس إليه من كل فجّ ليشهدوا منافع لهم ، ويذكروا اسم الله ، ويطعموا البائس الفقير ، إلى غير هذا مما ذكره من أمور الحج.
ثم ذكر جلّت قدرته ، أنه لهذا يدافع عن المؤمنين ويأذن لهم أن يقاتلوا من ظلمهم وأخرجهم من ديارهم بغير حق ، وأنه لو لم يأذن لهم في القتال لتسلط المشركون عليهم ، وهدّموا بيوت عبادته من المساجد وغيرها ، ثم وعدهم بالنصر والتمكين في الأرض ، ليقوموا فيها بما أتى به الإسلام من صلاة وغيرها مما فيه صلاحها.
ثم ذكر سبحانه ، أنهم إن يكذّبوا الرسول (ص) فيما وعده من النصر عليهم ، فقد كذّب قبلهم قوم نوح وغيرهم ، فأمل لهم ثم أخذهم فأهلك قراهم ، وإنهم ليسيرون في الأرض فيرونها ولا يتّعظون بها ، ولكنهم عمي القلوب فلا تؤثر فيهم تلك العظة ؛ ثم ذكر أنهم يستعجلون الرسول (ص) بذلك العذاب على سبيل الاستهزاء ، وأنه تعالى لن يخلف وعده وإن أملى لهم ، لأن اليوم عنده كألف سنة عندنا ، وكثير من القرى قبلهم أملى لهم ثم أخذهم فأهلكهم ، ثم أمر الرسول (ص) أن ينذرهم بذلك العذاب فيعد الذين يؤمنون بأن لهم مغفرة ورزقا كريما ، ويوعد الذين يسعون في إبطال آيات الله بأنهم أصحاب الجحيم.
ثم انتقل السياق من ذلك إلى الكلام