قد استعملت في آي القرآن فعلا فريدا «أمطر» في سبع آيات ، كما استعملت اسما في ثماني آيات ، وفي هذه الآيات جميعها كان «المطر» شرّا وعذابا وحجارة من سجيل.
فإذا أريد الرحمة والحياة ، جاءت كلمة «الغيث» ، قال تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) [الشورى : ٢٨].
٥ ـ وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) [الآية ٤٨].
قرئ : الريح والرياح.
وقرئ : نشرا ، أي : إحياء ، ونشرا جمع نشور وهي المحيية. ونشرا تخفيف نشر.
و «بشرا» تخفيف بشر جمع بشور وبشرى.
وأرى أن «بشرى» تلائم (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) ، أي : أن الرياح قدام المطر الذي عبر عنه ب «الرحمة».
٦ ـ وقال تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣)).
أقول ويحسن بنا أن نعود قليلا لنرى مسألة قوله تعالى : (حِجْراً مَحْجُوراً) ، في الآية الكريمة (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢)).
ذكر سيبويه في باب المصادر غير المتصرفة المنصوبة بأفعال متروك إظهارها ، نحو : معاذ الله ، وقعدك الله ، وعمرك الله. وهذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند لقاء عدوّ موتور أو هجوم نازلة ، أو نحو ذلك ، يضعونها موضع الاستعاذة. قال سيبويه : أتفعل كذا وكذا ، فيقول : حجرا ، وهي من حجره إذا منعه ، لأن المستعيذ طالب من الله أن يمنع المكروه فلا يلحقه ، فكأن المعنى : أسأل الله أن يمنع ذلك منعا ، ويحجره حجرا.
وقوله تعالى : (مَحْجُوراً) صفة لتأكيد الحجر ، أي : المنع.
وأما في الآية : ٥٣ ، فالمراد من قوله جلّ وعلا (حِجْراً مَحْجُوراً) ، أي : أن كل واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه في قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣)).
٧ ـ وقال تعالى : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥)).