واستباحوا الفاحشة ، وهدّدوا لوطا بالطّرد والنفي ، فخسف الله قراهم وغطّاها الماء ، ومنها قرية سدوم ، ويظن أنها ثاوية تحت البحر الميّت في الأردن.
أصحاب الأيكة
تستغرق قصة أصحاب الأيكة الآيات [١٧٦ ـ ١٩١].
والأيكة : الشجر الكثيف الملتف ، وهم أهل مدين ونبيّهم شعيب (ع). وكان شأنهم تطفيف الكيل والميزان. وقد أمرهم رسولهم بالعدل والقسط وحسن المعاملة ، فكذّبوا نبيهم فأخذهم عذاب يوم عظيم في يوم حار خانق ، يكتم الأنفاس ويثقل الصدور ، ثم تراءت لهم سحابة فاستظلّوا بها ، فوجدوا لها بردا ، ثم إذا هي الصاعقة المجلجلة المدوية تفزعهم وتدمّرهم تدميرا ، وكان ذلك يوم الظلّة ، فالظّلّة كانت سمة اليوم المعلوم.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)).
في أعقاب القصص
الآيات الأخيرة من سورة الشعراء تعقيب على قصص المرسلين فيها ، وتأكيد على بعض أهداف الرسالة السماوية فقد ذكر الله في هذا القصص قضية الرسل والرسالات ، وقصة التكذيب والإعراض ، وقصة التحدي والعقاب. وتمثلت هذه المعاني في قصة موسى مع فرعون ، وقصة ابراهيم مع أبيه وقومه ، وقصة نوح مع قومه ، وقصة هود مع عاد ، وقصة صالح مع ثمود ، وقصة لوط مع قومه ، وقصة شعيب مع أصحاب الأيكة. فلما انتهى القصص عاد السياق إلى موضوع السورة ، وهو العقيدة والإيمان بالله ورسله واليوم الاخر. وقد جاء التعقيب الأخير في السورة يتحدّث عن القرآن ، فيؤكد أنه تنزيل من رب العالمين.
ويشير إلى أن علماء بني إسرائيل يعرفون خبر هذا الرسول وما معه من القرآن : لأنه مذكور في كتب الأوّلين ، ولكن المشركين يعاندون الدلائل الظاهرة ، ويزعمون أنه سحر أو شعر ، ولو أن أعجميا لا يتكلّم العربية نزل عليه هذا القرآن فتلاه عليهم بلغتهم ما كانوا به مؤمنين ، لأن العناد هو الذي يقعد بهم عن الإيمان ، لا ضعف الدليل ، وما تنزلت الشياطين بهذا