المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الشعراء» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الآية ٤] والأعناق لا تخضع؟
قلنا : قيل أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع وترك الكلام على أصله ، كقولهم ذهبت أهل اليمامة ، كأنّ كلمة أهل غير مذكورة. ومثله قول الشاعر :
رأت مرّ السّنين أخذن منّي |
|
كما أخذ السّرار من الهلال |
أو لمّا وصفت الأعناق بالخضوع ، الذي هو من صفات العقلاء ، جمعت جمع العقلاء كقوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤]. وقيل : الأعناق رؤساء الناس ومقدّموهم ، شبهوا بالأعناق ، كما قيل لهم الرؤوس والنواصي والوجوه ، وقيل : الأعناق الجماعات ؛ يقال : جاءني عنق من الناس أي جماعة ، وقيل إن ذلك لمراعاة الفواصل.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الآية ١٦] بالإفراد ، وقال تعالى في موضع آخر : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧] بالتثنية؟
قلنا : الرسول يكون بمعنى المرسل فيلزم تثنيته ، ويكون بمعنى الرسالة التي هي مصدر فيوصف به الواحد والاثنان والجماعة كما يوصف بسائر المصادر ، والدليل على أنه يكون بمعنى الرسالة قول الشاعر :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.