الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) (١).
فنوّه بشأن القرآن وذكر جلّ شأنه ، أنه هدّى وبشرى لمن يؤمن به ، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويؤمن بالآخرة ؛ وأنه سبحانه زيّن للذين لا يؤمنون بالآخرة أعمالهم ، فضلّوا عنه ، ثم ذكر أن لهم سوء العذاب ، وأنهم في الاخرة هم الأخسرون : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (٦).
الترغيب والترهيب بقصص الأنبياء
والصالحين
الآيات [٧ ـ ٥٨]
ثم قال تعالى : (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٧) فذكر قصة موسى حينما أعطاه آية عصاه يلقيها فتهتزّ كأنها جانّ (حية صغيرة) ، وآية يده يدخلها في جيبه ، فتخرج بيضاء من غير سوء ؛ ثم أرسله بهما إلى فرعون وقومه ، لأنهم كانوا قوما فاسقين ؛ فلما جاءهم بآياته ، زعموا أنها سحر مبين : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٤).
ثم انتقل السياق منها إلى قصة داود وسليمان عليهماالسلام ، فذكر أنه سبحانه آتاهما علما فعملا به وحمداه عليه ، وأنه كان مما آتاه سليمان علم منطق الطير وتسخير كثير من الأشياء له ، وأن سليمان جمع جنوده من الجن والإنس والطير ، فساروا حتى إذا أتوا على وادي النمل أمرت نملة جماعتها من النمل أن يدخلوا مساكنهم ، لئلا يحطمهم سليمان بجنوده ، ففهم سليمان أمرها وتبسّم سرورا من إدراكه له ، وطلب من الله عزوجل أن يعينه في شكره على تلك النعمة العظيمة ، ثم ذكر السياق أن سليمان تفقّد الطير فلم ير الهدهد فسأل عنه ، وكان قد طار إلى سبأ باليمن فلم يمكث إلا قليلا حتى رجع منها ، وأخبره بأنه وجد امرأة تملك سبأ ، وأنها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ، فكتب له رسالة ليلقيها إليهم (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (٣١). فلمّا ألقاها على الملكة جمعت قومها لتستشيرهم فيها ، فذكروا لها أنهم أولو قوة وبأس شديد ، وفوّضوا أمر ذلك إليها ، فذكرت لهم أن عاقبة الحرب إفساد الديار ، وأنها ترى مسالمة سليمان بإرسال هدية إليه ؛ فلما جاءته الهدية لم يقبلها ، وهدّدهم