المبحث الرابع
مكنونات سورة «النمل» (١)
١ ـ (وادِ النَّمْلِ) [الآية ١٨].
قال قتادة : ذكر لنا أنه واد بأرض الشام (٢). أخرجه ابن أبي حاتم.
٢ ـ (قالَتْ نَمْلَةٌ) [الآية ١٨].
قال السّهيلي : اسمها حرميا. وقيل : طاخية حكاه الزمخشري.
وقال صاحب «القاموس» : اسمها عيجلوف ؛ بالجيم.
قال ابن عسكر : حكي أن قتادة سئل عن نملة سليمان أذكر هي أم أنثى؟ فأفحم! وكان أبو حنيفة حاضرا فقال : أنثى ، لقوله تعالى : (قالَتْ) بالتاء (٣).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). وادي النمل : الذي خاطب سليمان (ع) النمل فيه ، قيل : هو بين جيرين وعسقلان ، كما في «معجم البلدان» ٥ : ١٩٧.
(٣). ونقل هذه القصة الزمخشري في «الكشاف» ٣ : ١٣٧ ، وعلق عليها ابن المنير السّكندري في كتابه «الانتصاف من الكشّاف» قائلا : «لا أدري العجب منه أم من أبي حنيفة أن يثبت ذلك عنه ؛ وذلك أن النملة كالحمامة والشاة ، تقع على الذكر وعلى الأنثى لأنه اسم جنس ، يقال نملة ذكر ، ونملة أنثى ، كما يقولون : حمامة ذكر وحمامة أنثى ، وشاة ذكر ، وشاة أنثى. فلفظها مؤنث ومعناه محتمل فيمكن أن تؤنث لأجل لفظها وإن كانت واقعة على ذكر ، بل هذا الفصيح المستعمل. ألا ترى الى قوله عليه الصلاة والسلام ، «لا تضحي بعوراء ولا عجفاء ولا عمياء» كيف أخرج هذه الصفات على اللفظ مؤنثة ولا يعني الإناث من الأنعام خاصة ، فحينئذ قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ) روعي فيه تأنيث اللفظ. وأما المعنى فيحتمل على حد سواء ، إنما أطلت في هذا وإن كان لا يتمشّى عليه حكم ، لأنه نسبه إلى الامام أبي حنيفة على بصيرته باللغة. ثم جعل هذا الجواب معجبا لنعمان ـ أبي حنيفة ـ على غزارة علمة وتبصره بالمنقولات. ثم قرر الكلام على ما هو عليه مصونا له ، فيا لله العجب العجاب ؛ والله الموفق للصواب».