المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «القصص» (١)
١ ـ وقال تعالى : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) [الآية ٤].
وقوله تعالى : (يُذَبِّحُ) فعل مضاعف ، والغرض من التضعيف الاستفظاع ، وقوله تعالى : (وَيَسْتَحْيِي) ، أي : يستبقي النساء على قيد الحياة ، ولا يقتلهنّ.
أقول : والاستحياء على هذا معنى غريب ، لا نعرفه الآن ، ولم نعرفه إلا في هذه اللغة الشريفة.
٢ ـ وقال تعالى : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) [الآية ١٢].
والمراضع جمع مرضع ، وهي المرأة التي ترضع.
وقالوا : جمع مرضع ، وهو موضع الرضاع ، أي : الثدي. والمرضع التي معها رضيع كالمرضعة ، ومثلها المطفل وهي ذات الطّفل. وعلى هذا يصحّ أن يأتي «مفاعل» جمعا لمفعل ومفعلة ، وبهذا يصحّ جمع مشكلة مشاكل ، خلافا لأهل التصحيح في جعلهم «مشاكل» من الخطأ.
٣ ـ وقال تعالى : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) [الآية ١٥].
وقوله تعالى : (فَوَكَزَهُ) ، أي دفعه بأطراف الأصابع ، وقيل : بجمع الكف.
أقول : وينبغي أن ننظر إلى الأفعال : لكز ، ولقز ، ونكز ، ووكز ؛ فكلّها تتضمن معنى الدفع ، بهيئة خاصة.
وإذا كان لنا أن نقرّب بين هذه
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.