المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «القصص» (١)
إن قيل : ما الحكمة في وحي الله تعالى ، إلى أم موسى (ع) ، بإرضاعه وهي ترضعه طبعا ، سواء أأمرت بذلك أم لا؟
قلنا : أمرها بإرضاعه ليألف لبنها ، فلا يقبل ثديا غيرها ، بعد وقوعه في يد فرعون ؛ فلو لم يأمرها بإرضاعه ، لكان من المتوقّع أن تسترضع له مرضعة ، فيفوت ذلك المقصود.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي) [الآية ٧] ؛ والشرط الواحد إذا تعلق به جزاءان صدّق مع كل واحد منهما وحده ، فيؤول هذا إلى صدق قوله : فإذا خفت عليه فلا تخافي ، وأنه يشبه التناقض. قلنا : معناه فإذا خفت عليه من القتل ، فألقيه في اليمّ ، ولا تخافي عليه من الغرق ، ولا تناقض بينهما.
فإن قيل : ما الفرق بين الخوف والحزن حتى عطف أحدهما على الاخر ، في قوله تعالى : (وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي) [الآية ٧]؟
قلنا : الخوف غمّ يصيب الإنسان ، لأمر يتوقّعه في المستقبل ، والحزن غمّ يصيبه لأمر قد وقع ومضى.
فإن قيل : لم جعل موسى (ع) ، قتله القبطي الكافر من عمل الشيطان ، وسمّى نفسه ظالما ، واستغفر منه؟
قلنا : إنّما جعله من عمل الشيطان ، لأنّه قتله قبل أن يؤذن له في قتله ،
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.