بمثل ضربته ، لهوان قوى الشرك والظلم ؛ فالباطل مهما علا ، لا مستقبل له ؛ والحقّ مهما امتحن ، مستقبله هنيء مريء ؛ قال تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٤١).
وينتهي هذا القصص بهوان الشرك ، وعزّة الإيمان ، وبيان قدرة الله تعالى ، الذي يضرب الأمثال ، ليتّعظ بها العقلاء ، وليفهمها العلماء. قال تعالى :
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (٤٣).
الدرس الأخير
في سورة العنكبوت
يستغرق الدرس الأخير في السورة ، ربعا كاملا من الآية ٤٦ إلى الآية ٦١. والسورة بدأت ، بإعلان ثقل تكاليف الإيمان ، وتعرّض المؤمنين للبلاء والامتحان.
ثمّ ذكرت قصص الأنبياء وبلاءهم من عهد نوح (ع).
وفي هذا الدرس الأخير ، يبيّن القرآن الكريم ، وحدة الرسالات في الهدف ؛ فالرسالات كلّها من عهد نوح (ع) والرسل من بعده ، إلى عهد محمد (ص) ، دعوة واحدة ، من عند إله واحد ، ذات هدف واحد ، هو إصلاح العقيدة ، وتهذيب السلوك ، وردّ البشرية الضالّة إلى قوانين الله العادلة ؛ وأنّ المؤمنين بكل رسالة ، لإخوة للمؤمنين بسائر الرسالات : كلهم أمّة واحدة ، تعبد إلها واحدا ؛ وأنّ البشرية في جميع أجيالها صنفان اثنان : صنف المؤمنين وهم حزب الله ، وصنف المشاقّين وهم حزب الشيطان.
ولقد ختم الجزء العشرون في القرآن ، بآية شهيرة ، تدعو إلى تلاوة الكتاب ، وقراءة القرآن ، وإقامة الصلاة ، هي قوله تعالى :
(اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) (٤٥).
وبدأ الجزء الحادي والعشرون ، بالحديث عن هذا الكتاب ، والعلاقة بينه وبين الكتاب السابقة ، وبأمر المسلمين ، ألّا يجادلوا أهل الكتاب إلّا بالتي هي أحسن ، لبيان حكمة مجيء