المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «العنكبوت» (١)
تاريخ نزولها ، ووجه تسميتها
نزلت سورة العنكبوت بعد سورة الروم ، ونزلت سورة الروم في السنة التي انتصر الفرس فيها عليهم ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ، فيكون نزول سورة العنكبوت في هذه السنة مثلها ، وتكون من السّور التي نزلت فيما بين الإسراء والهجرة إلى المدينة.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لورود اسم العنكبوت في قوله تعالى في [الآية ٤١] منها (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) وتبلغ آياتها تسعا وستين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة ، تهوين ما يلقاه المؤمنون من العذاب في سبيل دينهم ؛ وهي في ذلك تنقسم إلى قسمين : أوّلهما ، في بيان الحكمة من فتنة المؤمنين في دينهم ؛ وثانيهما ، في بيان ما يسلكونه مع من يفتنونهم في دينهم ، من المضيّ في دعوتهم ، وردّ شبههم ، ومن الهجرة عنهم إلى من لا يفتنهم في دينهم ؛ وكانت المدينة توشك أن تفتح أبوابها لهجرتهم.
وقد جاء في السورة السابقة ، أنّهم كانوا يخافون إذا آمنوا أن يتخطّفهم الناس من أرضهم ، فجاءت هذه السورة بعدها ، وفي أوّلها تهوين ما يلقاه المؤمنون من الفتنة في دينهم ، ووعدهم بالنصر على أعدائهم.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.