المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «العنكبوت» (١)
١ ـ وقال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) [الآية ٧].
وتكفير السّيّئات ، يعني إسقاط عقابها بثواب الحسنات.
أقول : ولعل استعمال التضعيف في الفعل فيه شيء من معنى السّلب ، كقولنا : مرّض الطبيب المريض ، أي : شفاه : فأزال مرضه.
٢ ـ وقال تعالى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) [الآية ٢٩].
والنادي : مجتمع القوم ومجلسهم ، ولا يسمّى ناديا حتى يكون فيه أهله.
أقول : وقد عاش النادي طوال العصور حتى أمسكنا به في عصرنا ، فذهب «النّدي» ، وانصرفت «الندوة» إلى شيء آخر ، فهي المجلس الخاص ، المقيّد بزمن معيّن ، كما في «ندوات أهل الحكم» (٢). ومثل هذه النّدوات المنتدى الذي لم يبق له مكان كبير في الاستعمال المعاصر.
٣ ـ وقال تعالى : (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) [الآية ٣٤].
الرّجز والرّجس العذاب ، وإن كان في مجيء الكلمة بالسين دلالات أخرى ، وهذا من فوائد الإبدال في العربية.
٤ ـ وقال تعالى : (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) [الآية ٣٨].
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). وكان في مكّة ، في عصر النبوّة وقبله ، دار الندوة ، وهي ناد يجتمع فيه أهل مكة.