الأقسام الرئيسية في السورة
يمضي سياق سورة «المؤمنون» في أربعة أقسام رئيسية ، تتناول تاريخ الدعوة ، وحاضرها ، وتسوق الأدلة الحسية ، والنفسية ، على الإيمان بالله.
القسم الأول :
يبدأ القسم الأول بتقرير الفلاح للمؤمنين : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١).
ويبين السّياق صفات المؤمنين هؤلاء ، الذين كتب لهم الفلاح ، ويثنّي بدلائل الإيمان في الأنفس والآفاق ، فيعرض أطوار الحياة البشرية منذ نشأتها الأولى ، إلى نهايتها في الحياة الدنيا ، متوسّعا في عرض أطوار الجنين ، مجملا في عرض المراحل الأخرى ... ثم يتابع خط الحياة البشرية ، إلى البعث يوم القيامة ، وبعد ذلك ينتقل من الحياة البشرية إلى الدلائل الكونية : في إنزال الماء ، وفي إنبات الزرع والثمار ، ثم إلى الأنعام المسخّرة للإنسان ، والفلك التي يحمل عليها ، وعلى الحيوان ، ويمتدّ هذا القسم من أول السورة إلى الآية ٢٢.
القسم الثاني :
يشير القسم الثاني الى قصة نوح (ع) ، وهلاك الكافرين ، ثم يتبع ذلك بيان سنّة الله في إرسال الرسل ، لهداية الناس ، وإبلاغهم كلمة الحق والإيمان ، ودعوتهم الى الله ، فيقول نوح لقومه كما ورد في التنزيل :
(يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) [الآية ٢٣].
ويقول هذه الحقيقة كلّ نبي ورسول : يقولها موسى (ع) ، ويقولها عيسى (ع) ، ويقولها محمد (ص).
ويكون اعتراض المكذّبين دائما :
(ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [الآية ٣٣].
ويقدّم الكفار عددا من الحجج والأدلة على تكذيبهم. فيلجأ الرسل الى ربّهم يطلبون نصره ، فيستجيب سبحانه ، وينجي المؤمنين ، ويهلك الكافرين قال تعالى :
(ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (٤٤).
وينتهي هذا القسم ، ببيان وحدة الرسالات ، ووحدة الأمم المؤمنة ، فالربّ واحد ، والإيمان بالله وملائكته