الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الآيات ٣٤ ـ ٣٥].
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) [الآية ٣٧].
ذلك إلى استعراض مشاهد الكون ، ومشاهد القيامة ، ومصارع الغابرين والأمثلة والعبر ، والصور والتأملات ، لاستجاشة مشاعر الإيمان والتقوى والإخبات والاستسلام. هذا هو الروح الساري في جو السورة كلها ، والذي يطبعها ويميزها.
أقسام السورة وأفكارها
تشتمل سورة الحج على أربع مجموعات ، أو أقسام رئيسية ، يجري السياق فيها كالآتي :
القسم الأول :
يبدأ القسم الأول بالنداء العام : نداء الناس جميعا إلى تقوى الله ، وتخويفهم من زلزلة الساعة ، ووصف الهول المصاحب لها ، وهو هول عنيف مرهوب. في ظل هذا الهول باستنكار الجدل في الله بغير علم ، واتّباع كل شيطان محتوم على من يتّبعه الضلال ، ثم يعرض دلائل البعث من أطوار في حياة الإنسان وحياة النبات ، مسجلا تلك القربى بين أبناء الحياة ، ويربط بين تلك الأطوار المطّردة الثابتة ، وبين كون الله هو الحق ، وأنه يحيي الموتى ، وأنه على كل شيء قدير ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور. وكلها سنن مطّردة ، وحقائق ثابتة متصلة بناموس الوجود. ثم يعود إلى استنكار الجدل في الله بغير علم ، ولا هدى ولا كتاب منير.
بعد هذه الدلائل المستقرة في صلب الكون وفي نظام الوجود ، إلى استنكار بناء العقيدة على حساب الربح والخسارة ، والانحراف عن الاتجاه إلى الله عند وقوع الضّرّاء ، والالتجاء إلى غير حماه ، واليأس من نصرة الله وعقباه ... وينتهي هذا الشوط بتقرير أن الهدى والضلال بيد الله ، وأنه سيحكم بين أصحاب العقائد المختلفة يوم الحساب. وهنا يعرض ذلك المشهد العنيف من مشاهد العذاب للكافرين ، وإلى جواره مشهد النعيم للمؤمنين.
ويمتد هذا القسم من أول السورة إلى الآية ٢٤.