كظلمات في بحر لجّي ، يغشاه موج من فوقه موج ، من فوقه سحاب إلخ.
ثم أتبع ذلك ، بذكر بعض الآيات الكونية ، التي تدلّ على صدق ما يدعو إليه من الإيمان به ، فذكر سبحانه أنه يخضع له من في السماوات والأرض وما بينهما ، إلى غير هذا ممّا ذكره من تلك الآيات.
ثم ذكر من ذلك الكفر أشدّه ظلمة ، وهو النفاق الذي يصير بأهله إلى إظهار الإيمان والطاعة ، فإذا دعوا إلى الله ورسوله ، ليحكم بينهم أعرضوا عنه ، إن لم يكن لهم الحق ، وإن كان لهم الحق أتوا إليه مذعنين ؛ ثم ذكر أنهم يقسمون به ، لئن أمرهم بالخروج إلى القتال ليخرجنّ إليه ؛ ونهاهم عن ذلك ، لأن المطلوب منهم طاعة معروفة ، لا أيمان كاذبة ؛ ثم أمر الرسول (ص) أن يأمرهم بتلك الطاعة ، فإن أعرضوا بعد ذلك ، فقد أدّى رسالته ، وليس عليه إلا أن يؤدّيها لهم ؛ ثم وعد من يطيعه ، أن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الطائعين قبلهم ؛ وأمرهم أن يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ويطيعوا الرسول (ص) في كل ما يأمرهم به ؛ ونهاه أن يظنّ أن أولئك الكفار يعجزونه عن إدراكهم ، ليحقّق وعده لمن آمن به : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٥٧).
حكم دخول البيوت
للغلمان ونحوهم
الآيات [٥٨ ـ ٦١]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) [الآية ٥٨] فأباح لمن ملكت أيمانهم ، ومن لم يبلغ منهم أن يدخلوا عليهم بغير إذن إلا في ثلاثة أوقات : الوقت الذي يكون قبل صلاة الفجر ، ووقت الظهيرة الذي يضعون فيه ثيابهم ، والوقت الذي يكون بعد صلاة العشاء ، فلا يدخلون عليهم فيها إلّا بإذن ؛ ثم ذكر سبحانه ، أنه لا حرج على من انقطعت الرغبة في نكاحهن ، لكبرهنّ ، أن يضعن خمرهنّ عن رؤوسهن ، ولكنّ التستّر خير لهن ؛ وذكر جلّ شأنه ، أنه لا حرج على الأعمى ، والأعرج ، والمريض ، في دخول البيوت ، والأكل منها لحاجتهم ، ولا حرج عليهم أن يأكلوا من بيوت أزواجهم ، أو بيوت آبائهم ، أو نحوهم