والمعنى : كراهة أن تعودوا لمثله. وحذف المصدر هذا المبيّن للسبب والعلة كثير في القرآن ، وقد مرّ بنا شيء منه.
٤ ـ وقال تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [الآية ٢١].
أقول : قوله تعالى (أَبَداً) ، أي : إلى الأبد ، وهو الزمن الدائم المتصل ، ونصبه على الظرفية. وذكر الظرف هنا أفاد تأبيد النفي ب «ما». وقد ورثنا هذا الأسلوب في النفي في عربيتنا المعاصرة حتى كأن (أبدا) في استعمال المعاصرين شيء من حواشي النفي وضروراته.
وكما ترد «أبدا» في حشو النفي لإرادة التأبيد ، ترد أيضا في الإثبات فيقال مثلا : أشتاقه أبدا.
٥ ـ وقال تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) [الآية ٣١].
الجيوب : جمع جيب ، والجيب جيب القميص والدرع.
وجيّبت القميص : قوّرت جيبه.
أقول : والجيب له دلالة جديدة في عصرنا ، واستعماله ، بهذا المعنى الجديد ، ربّما عرف قبل عصرنا هذا.
٦ ـ وقال تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [الآية ٣١].
الطفل : اسم جمع ويكون للواحد. وانظر [الحج : ٥].
٧ ـ وقال تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [الآية ٣٢].
أقول : الأيامى : جمع أيّم ، رجلا كان أو امرأة ، وقد آم الرجل وآمت المرأة : إذا لم يتزوّجا ، بكرين كانا أو ثيّبين.
والمراد أنكحوا من تأيّم منكم من الأحرار والحرائر ، والخطاب للمذكر على وجه التغليب.
٨ ـ وقال تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) [الآية ٣٣].
وقوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ) أي : وليجتهد في العفّة وظلف النفس ، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف وحاملها عليه.
وهذا من فوائد زيادة الهمزة والسين والتاء في الفعل.