المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «النور» (١)
فإن قيل : لم قدّمت المرأة في آية حد الزنا ، وقدّم الرجل في حدّ السرقة؟
قلنا : لأن الزنا ، إنما يتولّد من شهوة الوقاع ، وشهوة المرأة أقوى وأكثر ؛ والسّرقة إنما تتولد من الجسارة والجراءة والقوة ، وذلك في الرجل أكثر وأقوى.
فإن قيل : لم قدّم الرجل في قوله تعالى (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) [الآية ٣]؟
قلنا : لأن الآية الأولى سبقت لعقوبتهما على ما جنيا ؛ والمرأة هي الأصل في تلك الجناية ، لما ذكرنا. والآية الثانية سبقت لذكر النكاح ، والرجل هو الأصل فيه عرفا ، لأنه هو الراغب والخاطب والبادئ بالطلب ؛ بخلاف الزنا ، فإن الأمر فيه بالعكس غالبا.
فإن قيل : لم قال تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) [الآية ٣] أي لا يتزوج (وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) [الآية ٣] ونحن نرى الزاني ينكح العفيفة والمسلمة ، والزانية ينكحها العفيف والمسلم؟
قلنا : قال عكرمة نزلت هذه الآية في بغايا موسرات كنّ بمكة ، وكان لا يدخل عليهن إلا زان من أهل القبلة ، أو مشرك من أهل الأوثان ، فأراد جماعة من فقراء المهاجرين أن ينكحوهن ، فنزلت هذه الآية زجرا لهم عن ذلك.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.